قال:"إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ﷿، ثم يبعث الله ريحًا طيبة، [فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان][١]، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم".
قال السدي: الأحبار من اليهود، والرهبان من النصارى. وهو كما قال؛ فإن الأحبار هم علماء اليهود؛ كما قال تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ والرهبان: عباد النصارى، والقسيسون: علماؤهم؛ كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
والمقصود: التحذير من علماء السوء وعباد الضلالة [٢]، كما قال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى. وفي الحديث الصحيح (٧٧): " لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم حَذْوَ القُذَّةِ (*) بالقذة". قالوا: اليهود والنصارى؟ قال:"فمن؟ " وفي رواية: فارس والروم؟ قال:"فمن [٣] الناس إلا هؤلاء؟ ".
والحاصل: التحذير من التشبه بهم في [أحوالهم وأقوالهم]؛ ولهذا قال تعالى:
(٧٧) - رواه بمعناه ونحوه البخاري في صحيحه برقم (٣٤٥٦) ومسلم في صحيحه برقم (٢٦٦٩). (*) في النهاية [٤/ ٢٨]: القُذَد: ريش السهم، واحدتها قُذَّة - أي: كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع. يضرب مثلًا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.