للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأعمش (٣١٦): عن جامع بن شداد، عن كلثوم، عن أسامة بن زيد، قال: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو مريض نعوده، فوجدناه نائمًا قد غطى وجهه ببرد عدني، فكشف عن وجهه وقال [١]: "لعن الله اليهود، يحرمون شحوم الغنم ويأكلون أثمانها". وفي رواية: "حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها".

﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧)

يقول تعالى: فإن كذبك [٢] يا محمد مخالفوك من المشركين واليهود ومن شابههم ﴿فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾ وهذا ترغيب لهم في ابتغاء رحمة الله الواسعة واتباع رضوانه [٣] ﴿وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ ترهيب لهم من [٤] مخالفتهم الرسول خاتم النبيين، وكثيرًا ما يقرن الله تعالى بين الترغيب والترهيب في القرآن، كما قال تعالى في آخر هذه السورة: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ [٥] الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، وقال: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، وقال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾، وقال تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾، وقال: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ والآيات في هذا كثيرة جدًّا.

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ


(٣١٦) - صحيح، أخرجه البزار في "مسنده" (٧/ رقم ٢٦٠٨) والحاكم في "المستدرك" (٤/ ١٩٤) من طريق عبيد الله بن موسى، أنبا شيبان بن عبد الرحمن عن الأعمش به بالرواية الأولى، وقال البزار: "هذا الحديث لا نعلمه يروى عن أسامة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد"، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وهو كما قالا فإن رجاله ثقات رجال الشيخين حاشا كلثوم الخزاعي وهو ابن علقمة بن ناجية بن المصطلق الخزاعي ثقة، ويقال: له صحبة - كذا في "التقريب" - والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ١٠٠) إلى ابن مردويه فحسب، والهندي في "الكنز" (٢٩٨٤) إلى أبي يعلى - ولم أجده في "المطبوع من مسنده" ولا في "المعجم" فلعله في "المسند الكبير" والله أعلم - والهيثم بن كليب، والحاكم، وابن منصور.