للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا بيان لجهل العرب قبل الإسلام، فيما كانوا حرموا من الأنعام، وجعلوها أجزاء وأنواعا: بحيرة وسائبة ووصيلة وحامًا، وغير ذلك من الأنواع التي ابتدعوها، في الأنعام والزروع والثمار، فبين تعالى أنه أنشأ جنات معروشات وغير معروشات، وأنه أنشأ من الأنعام حمولة وفرشًا. ثم بين أصناف الأنعام؛ إلى غنم؛ وهو بياض: هو الضأن، وسواد وهو المعز: ذكره وأنثاه، وإلى إبل: ذكورها وإناثها، وبقر كذلك، وأنه تعالى لم يحرم شيئًا من ذلك، ولا شيئًا من أولادها، بل كلها مخلوقة لبني آدم: أكلًا وركوبًا، وحمولة وحلبًا، وغير ذلك من وجوه المنافع، كما قال: ﴿وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج﴾ الآية.

وقوله تعالى: ﴿أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين﴾ رد عليهم في قولهم: ﴿مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾.

وقوله تعالى: ﴿نبئوني بعلم إن كنتم صادقين﴾ أي: أخبروني عن يقين: كيف حرم الله عليكم ما زعمتم تحريمه، من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك.

وقال العوفي (٢٩٧)، عن ابن عباس قوله: ﴿ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين﴾ فهذه أربعة أزواج ﴿ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين﴾ يقول: [لم أحرم شيئًا من ذلك ﴿أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين﴾ يعني: هل يشتمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى، فلم تحرمون بعضًا وتحلون بعضًا؟] [١] ﴿نبئوني بعلم إن كنتم صادقين﴾ يقول تعالى: كله حلال.

وقوله تعالى: ﴿أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا﴾ تهكم بهم فيما ابتدعوه، وافتروه على الله من تحريم ما حرموه من ذلك ﴿فمن أظلم ممن افترى على الله كذبًا ليضل الناس بغير علم﴾ أي: لا أحد أظلم [٢] منه ﴿إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾.

وأول [٣] من دخل في هذه الآية عمرو بن لحي بن قمعة؛ لأنه [٤] أول [من غير دين الأنبياء، وأول] [٥] من سيب السوائب، ووصل الوصيلة، وحما الحام، كما ثبت ذلك في الصحيح (٢٩٨).


(٢٩٧) - أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٤٠٧٦) وابن أبي حاتم (٥/ ٧٩٩١) والعوفي ضعيف.
(٢٩٨) - تقدم تخريجه [سورة المائدة/آية ١٠٣].