للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن المبارك: عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير ﴿وآتوا حقه يوم حصاده﴾ قال: كان هذا قبل الزكاة، للمساكين القبضة، و [١] الضغث لعلف دابته.

وفي حديث ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي [٢] سعيد مرفوعًا. ﴿وآتوا حقه يوم حصاده﴾ قال: "ما سقط من السنبل". رواه ابن مردويه (٢٩١).

وقال آخرون: هذا كله [٣] شيء كان واجبًا، ثم نسخه الله بالعشر أو [٤] نصف العشر. حكاه ابن جرير: عن ابن عباس، ومحمد بن الحنفية، وإبراهيم النخعي، والحسن، والسدي، وعطية العوفي، وغيرهم، واختاره ابن جرير رحمه [٥] الله.

قلت: وفي تسمية هذا نسخًا نظر؛ لأنه قد كان شيئًا واجبًا في الأصل، ثم إنه فصل بيانه، وبين مقدار المخرج وكميته، قالوا: وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة فالله أعلم.

وقد ذم الله سبحانه الذين يصرمون ولا يتصدقون، كما ذكر عن أصحاب الجنة في سورة "ن": ﴿إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)﴾ أي: كالليل المدلهم سوداء محترقة ﴿فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ﴾ أي: قوة وجلد وهمة ﴿قَادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (٣٠) قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (٣١) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (٣٢) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣)﴾.

وقوله تعالى: ﴿ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين﴾ قيل: معناه لا [٦] تسرفوا في الإعطاء، فتعطوا فوق المعروف.

وقال أبو العالية: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا، ثم تباروا فيه وأسرفوا، فأنزل الله: ﴿ولا


(٢٩١) - إسناده ضعيف وعزاه لابن مردويه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٩٢) - وأخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (ص ٤٢٧) من طريق ابن لهيعة به وابن لهيعة سيئ الحفظ، "وأحاديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد غير مستقيمة" قاله أبو داود، والحديث زاد السيوطي عزوه إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.