إليه. [ثم انصرفوا][١] عنه، ثم خلوا بالعاقب، وكان ذا رأيهم فقالوا: يا عبد المسيح؛ ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدًا لنبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيًّا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم، وإنه الاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد [٢] أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل، وانصرفوا إلى بلادكم.
فأتوا النبي ﷺ، فقالوا: يا أبا القاسم؛ قد رأينا أن لا نلاعنك، ونتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلًا من أصحابك ترضاه لنا، يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من [٣] أموالنا، فإنكم عندنا رضا.
قال محمد بن جعفر: فقال رسول الله ﷺ: "ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين". فكان عمر بن الخطاب ﵁ يقول: ما أحببت الا مارة قط حبي إياها يومئذ، رجاء أن أكون صاحبها، فرحت إلى الظهر مهجرًا [٤]، فلما صلى رسول الله ﷺ الظهر سلم ثم نظر عن يمينه وشماله [٥]، فجعلت أتطاول له ليراني، فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح، فدعاه فقال:"اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه" قال عمر: فذهب بها [٦] أبو [٧] عبيدة، ﵁(١٣٣).
وقد روى ابن مردويه (١٣٤) من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج؛ أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله ﷺ فذكر فحوه، إلا أنه قال في الأشراف: كانوا اثني عشر، وذكر بقيته بأطول من هذا السياق وزيادات أخر.
وقال البخاري (١٣٥): [حدَّثنا عباس] بن الحسين، حدثنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة ﵁؛ قال: جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله ﷺ يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن [٨] كان نبيًّا فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطك ما سألتنا، وابعث
(١٣٣) - انظر السابق. (١٣٤) - انظر السابق. (١٣٥) - رواه البخاري في كتاب: المغازي، باب: قصة أهل نجران حديث (٤٣٨٠).