ومعنى الباطل: الزائِل الذاهب، الذي لا يَثْبُتُ (٢). ولَمَّا كان خَلْقُ السَّموات والأرض خَلْقًا مُتْقَنًا، وصُنْعًا مُحْكمًا دالًا على قدرة الصانع، لم يكن باطلًا.
وكثير من المفسرين يذهبون إلى أن المعنى:(ما خلقتهما لغَيرِ شيءٍ)(٣)؛ لأنه خلقهما لِيَبْلُوَ العِبَادَ بينهما بالأمر والنهي، فيثيب المطيع، ويعاقب العاصي (٤)، وانتصب قولُه {بَاطِلًا} على أنه نَعْتُ مصدرٍ محذوفٍ؛ أي: خَلْقًا باطلًا (٥).
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢١٠. وقال مُعلِّلًا ذلك: (يدل على ذلك قوله: {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ورغبتهم إلى ربِّهم أنْ يُقِيهم عذابَ الجحيم. ولو كان المعنِيَّ بقوله: {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، معنًى مفهومٌ؛ لأن السمواتِ والأرضَ أدلةٌ على بارئها، لا على الثواب والعقاب، وإنما الدليل على الثواب والعقاب الأمر والنهي). (٢) قال ابن فارس (الباء والطاء واللام، أصلٌ واحدٌ، وهو: ذهاب الشيء، وقِلَّةُ مُكْثِهِ ولُبْثِه؛ يقال: (بَطَلَ الشيءُ، يَبْطُلُ بُطْلًا وبُطُولًا". "مقاييس اللغة" ١/ ٢٥٨ (بطل). (٣) وممن قال بهذا المعنى: مقاتل، والطبري، وأبو الليث السمرقندي، والثعلبي، والعز بن عبد السلام. انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٣٢١، و"تفسير الطبري" ٤/ ٢١٠، و"بحر العلوم" ١/ ٣٢٤، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٧١ أ، و"فوائد في مشكل القرآن" لابن عبد السلام ١٠٩. (٤) قال تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الجاثية: ٢٢]. (٥) وهذا وجه واحد من وجوه نصبه، وفيه وجوه أخرى، ذكرها أبو حيان في "البحر =