المشركين بكم. {بِغَمٍّ}، يعني: بِغَمِّكمْ رَسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذْ عَصَيْتموهُ وَضَيَّعتم أمرَهُ. فالغَمُّ الأوّل لهم، والغَمُّ الثاني للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا القول، اختيار الزجاج (١).
وقال الحسن (٢): غَمّ يومِ أحُد للمسلمين، بغَمِّ يومِ بَدْرٍ للمشركين (٣).
وقيل: الغَمُّ الأَوَّل: ما أصابهم مِنَ الهزيمة والقتل. والغَم الثاني: إشْرافُ خالد بن الوَلِيد عليهم، في خَيْلِهِ، فَرَعَبَهم ذلك، وزَادَ مِنْ قَلَقِهم. وهذا قول أكثر المفسرين (٤)، واختيار الفراء (٥).
وقيل: الغَمّ الأوَّل: ما أصابهم مِنَ القتل والجرح. والغَمّ الثاني: ما سَمِعوا أنَّ مُحَمَّدًا قد قُتِلَ. وهذا قول: قَتَادة (٦)، والرَّبِيع (٧)، وابنِ عبَّاس -في رواية عطاء- (٨) فإنَّه قال في قوله: {غَمَّا بِغَمٍّ}؛ يريد: الهزيمة، وحيث قال ابنُ قَمِيئَةُ (٩): قد قتلتُ محمدا.
(١) في "معانى القرآن" له ١/ ٤٧٩. (٢) قوله في: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٣٣ أ، و"النكت والعيون" ١/ ٤٣٠، و"زاد المسير" ١/ ٤٧٩، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٤٠. (٣) وأخرج عنه ابن أبي حاتم قولَه في تفسيرها: (قال غَمَّا -والله- شديد، على غَمٍّ شديد، ما منهم إنسان إلا وقد همته نفسه). "تفسيره" ٣/ ٧٩١. (٤) ممن قال ذلك: ابن عباس. انظر: "زاد المسير" ١/ ٤٧٨، ومقاتل. انظر: "تفسيره" ١/ ٣٠٧. ولم أقف على غيرهما قال به. (٥) في "معاني القرآن" له ١/ ٢٤٠. (٦) قوله في: "تفسير الطبري" ٤/ ١٣٥، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٧٩١، و"زاد المسير" ١/ ٤٧٨، وأورده السيوطي في "الدر" ٢/ ١٥٤، وزاد نسبة إخراجه لابن المنذر. (٧) قوله في: "تفسير الطبري" ٤/ ١٣٥. (٨) لم أقف على مصدر هذه الرواية عنه. (٩) في (ج): (قتيبة). =