إذ (١) كانت لا تصف كلَّ صِدِّيق بـ (المسيح)، ولعل كان هذا مستعملاً (٢) في بعض الأوقات في وصف الصدِّيقين، فدَرَسَ مع ما دَرَسَ من الكلام؛ لأن الكسائي قال (٣): قد درس من كلام العرب شيء كثير. ثمَّ فسَّر المسيح وبيَّنه من هو، فقال:{عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}. معنى (الوجيه): ذو الجاه والشرف والقدْر، يقال:(وجُهَ الرجلُ، يَوْجُهُ، وَجاهةً)، فـ (هو وَجِيْهٌ): إذا صارت له منزلة رفيعة عند السلطان والناس (٤).
وقال بعض أهل اللغة (٥): الوجيه: الكريم، عند من لا يسأله؛ لأنه لا يردُّه لكرم (٦) وجهه عنده (٧)، خلاف من يبذل وجهه للمسألة (٨)، فيرده (٩).
قال الزجَّاج (١٠): {وَجِيهًا}، منصوب على الحال، المعنى: إنَّ الله
(١) في (أ)، (ب): (إذا). والمثبت من: (ج)، (د). (٢) في (ج): "التهذيب" ولعل هذا كان مستعملًا، (د) ولعل هذا مستعملًا. (٣) قوله، في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٨٩ (مسح)، وقوله من تتمة كلام ابن الأنباري. (٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٤١٢، "اللسان" ٨/ ٣٧٧٦ (وجه). (٥) لم أقف على هذا القائل. (٦) في (أ)، (ب): (الكرم). والمثبت من: (ج)، (د)، ومن "البحر المحيط" ٢/ ٤٦١، وهو أنسب لسياق الكلام. (٧) في (ج): عند. قال الفخر الرازي: (الوجيه، هو: الكريم؛ لأن أشرف أعضاء الإنسان وجهه، فجعل الوجه استعارة عن الكرم والكمال). تفسيره: ٨/ ٥٥. وقال الطبري عن قوله تعالى عن موسى عليه السلام: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: ٦٩]: (الوجيه في كلام العرب: المُحَبُّ المقبول). تفسيره ٢٢/ ٥١. (٨) في (ج): (للمسلمة). (٩) في (ج)، (د): (فيرد). ولم أقف على هذا الذي ذكره المؤلف في معنى (الوجيه) فيما رجعت إليه من مراجع. (١٠) في "معاني القرآن" ١/ ٤١٢.