ومن قرأ بالياء، فالمعنى: بلِّغهم أنهم سيُغلَبون. ويدل على صحة الياء: قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا}[الجاثية: ١٤]، وقوله:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[النور: ٣٠]، ولم يقل:(غُضُّوا).
قال الفرَّاء (١): مَن (٢) قرأ بالتاء: جعل اليهود والمشركين (٣) داخلين في الخطاب، ثم يجوز في هذا المعنى: الياء، والتاء؛ كما تقول في الكلام:(قل لعبد الله إنه قائم، وإنك قائم)(٤).
وفي حرف عبد الله (٥): (قل للذين كفروا إن ينتَهوا (٦) يُغفَر لكم (٧) ما قد سلف) (٨).
ومن قرأ بالياء: فإنه ذهب إلى مخاطبة اليهود، وإلى أن الغلبة تقع على المشركين، كأنه قيل:(قل يا محمد لليهود: سَيُغلَبُ المُشركون، ويُحشَرون) فليس يجوز في هذا المعنى (٩) إلَّا الياء؛ لأن المشركين غَيبٌ.
وقال غير الفرَّاء (١٠): جعل المخاطبة للفريقين أحسن؛ لجواز وقوع
(١) في "معاني القرآن" ١/ ١٩١. (٢) في (ج): (ومن). (٣) في (ج): (المشركين واليهود). (٤) (وإنك قائم): ساقط م: ن (ج). (٥) هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (٦) في (ب): (تنتهوا). (٧) في (ج): (د): (لهم). (٨) انظر هذه القراءة، في "المحرر الوجيز" ٦/ ٣٠٠، "البحر المحيط" ٤/ ٤٩٤، ووردت فيه: (تنتهوا). والقراءة المتواترة: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]. (٩) في (ج): (الموضع). (١٠) القائل هو: أبو علي الفارسي في "الحجة" ٣/ ١٩، ونقله المؤلف عنه بتصرف.