وهو مذهب الحنفية (١)، والشافعية (٢)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٣).
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: عن حذيفة -رضي الله عنه- قال:((أَتَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سُبَاطَةَ (٤) قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِماً)) (٥).
وجه الاستدلال: أن ثبوت فعله -صلى الله عليه وسلم- دليل على جواز البول قائماً وقد أمن الرشاش؛ لأن السباطة لا ترُد البول عليه، وأمن الانكشاف؛ لأن حذيفة كان من خلفه يستره (٦).
نُوقش: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما بال قائماً لعذر، وحملوا ذلك على أوجه، أشهرها (٧):
أ - قيل: أنه لم يجد مكاناً يصلح للقعود، فقام لكون الطرف الذي يليه من السباطة كان عالياً، فأمن أن يرتد إليه شيء من بوله.
ب - وقيل: السبب أن العرب كانت تستشفي لوجع الصلب بذلك، فلعله كان به.
ت - وقيل: إنما بال قائماً؛ لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت، ففعل ذلك؛ لكونه قريباً من الديار.
وقيل: إنه فعل ذلك لجرح كان في مأبضه (٨) لا يتمكن معه من القعود، واستدلوا
(١) يُنظر: البحر الرائق (١/ ٢٥٦)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٤٤). (٢) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٥)، أسنى المطالب (١/ ٤٩). (٣) يُنظر: الفروع (١/ ١٣٥)، الإنصاف (١/ ٢٠١). (٤) السُّبَاطَةُ: السباطة والكُنَاسَةُ: الموضع الذي يُرمى فيه التراب والأوساخ وما يُكنس من المنازل، تكون بفناء الدور مرفقاً لأهلها، وقيل: هي الكناسة نفسها. وإضافتها إلى القوم إضافة تخصيص لا ملك؛ لأنها كانت مواتا مباحة. يُنظر: الصحاح (٣/ ١١٣٠)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٣٣٥)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٦٦). (٥) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب البول عند سباطة قوم (١/ ٥٥) برقم: (٢٢٦)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين (١/ ١٧٥) برقم: (٢٧٣). (٦) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (١/ ٣٣٤)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٣٣٠)، شرح أبي داود، للعيني (١/ ٩٥). (٧) يُنظر: المفهم (١/ ٥٢٦)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٦٦)، شرح العمدة، لابن تيمية -كتاب الطهارة (ص: ١٤٧)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٣٣٠). (٨) المَأْبِضُ: هو باطن الركبة. يُنظر: مقاييس اللغة (١/ ٣٧)، المجموع (٢/ ٨٥).