وجه الاستدلال: أن الله سبحانه قد أباح لنا طعام أهل الكتاب، ومعلوم أن طعامهم مصنوع بأيديهم ومياههم وفي أوانيهم، وذلك دليل على طهارة آنيتهم وجواز استعمالها (٤).
الدليل الثاني: عن عبد الله بن مُغَفَّل -رضي الله عنه- (٥) قال: ((أَصَبْتُ جِرَاباً (٦) مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: فَالْتَزَمْتُهُ، فَقُلْتُ: لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَداً مِنْ هَذَا شَيْئاً، قَالَ: فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مُتَبَسِّماً)) (٧).
وجه الاستدلال: أن هذا الجراب من آنية اليهود، ولو كان نجساً لأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بغسله وغسل الشحم الذي بداخله، فلما لم يكن دل ذلك على طهارته وجواز استعماله.
الدليل الثالث: عن أنس -رضي الله عنه-: ((أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسَلَّمَ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ (٨)
(١) يُنظر: التعليقة، للقاضي حسين (١/ ٢٣٦)، المجموع (١/ ٢٦١). (٢) يُنظر: المغني (١/ ٦١)، الإنصاف (١/ ١٥٥). (٣) سورة المائدة: جزء من الآية (٥). (٤) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ٨٠). (٥) هو: عبد الله بن مُغَفَّلٍ بن عَبْدِ نَهْمِ بن عَفِيفِ الْمُزَنِيُّ، أبو سعيد ويُقال: أبو عبد الرحمن، سكن المدينة، ثم تحول إلى البصرة، وهو من أصحاب الشجرة، قال الحسن البصري: كان أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر يفقِّهون الناس، وكان من نقباء أصحابه، تُوفي بالبصرة سنة ٦٠ هـ. يُنظر: الاستيعاب (٣/ ٩٩٦)، تهذيب التهذيب (٦/ ٤٢). (٦) الجِرَابُ -بكسر الجيم وفتحها- لغتان: الكسر أفصح وأشهر، والجمع أجربة وجرب، وهو وعاء من جلد للزاد. يُنظر: الصحاح (١/ ٩٨)، مختار الصحاح (ص: ٥٥)، المنهاج شرح صحيح مسلم (١٢/ ١٠٢). (٧) أخرجه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب (٣/ ١٣٩٣) برقم: (١٧٧٢). (٨) إِهَالة: الإهالةُ: الوَدَكُ، وهو كل شيء من الأدهان مما يُؤتدم به، وقيل: هو ما أُذيب من الألية والشحم. يُنظر: الصحاح (٤/ ١٦٢٩)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٨٤)، فتح الباري، لابن حجر (٥/ ١٤١).