الأول: أن يكون تشميس الماء في الأواني المنطبعة (١)؛ لأن الشمس إذا أثرت فيها استخرجت منها زُهُومَةً (٢) تعلو الماء، يتولد منها البرص (٣).
الثاني: أن يكون ذلك في البلاد الحارة: كالحجاز.
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: أن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل، ولا دليل ثابت في المسألة (٤).
الدليل الثاني: أن الأصل عدم الكراهة، وقد سُخن بطاهر، أشبه ما في البرك والأنهار، وما سُخن بالنار (٥).
قال النووي -رحمه الله-: «عدم الكراهة في البرك والأنهار متفق عليه لعدم إمكان الصيانة وتأثير الشمس»(٦).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:((أَسْخَنْتُ مَاءً فِي الشَّمْسِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ؛ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ)) (٧).
وجه الاستدلال: أن النهي في الحديث نهي مطلق يُحمل على الكراهة والتنزيه، ونص النبي -صلى الله عليه وسلم- على علة النهي أنه يورث البرص (٨).
(١) الأواني المنطبعة: هي المطرقة، قيل: جميع ما يطرق، وقيل: كل ما يطرق إلا الذهب والفضة لصفائهما، وقيل: إنها من النحاس خاصة. يُنظر: العزيز شرح الوجيز (١/ ٢١). (٢) الزهومة: مادته: (ز هـ م)، والزهم: الريح المنتنة، زهمة أي: دسمة، الزُّهومة والزُّهمة بضمهما: ريح لحم سمين منتن، ووجدتُ منه زهومة أي: تغيراً. يُنظر: لسان العرب (١٢/ ٢٧٧)، تاج العروس (٣٢/ ٣٤٠). (٣) بَرَص: البرص: داء معروف -نسأل الله العافية منه ومن كل داء- وهو بياض يقع في الجسد في ظاهر البدن لفساد مزاج. يُنظر: لسان العرب (٧/ ٥)، القاموس المحيط (ص: ٦١٣). (٤) يُنظر: المغني (١/ ١٥)، المجموع (١/ ٨٧)، مواهب الجليل (١/ ٧٩). (٥) يُنظر: المغني (١/ ١٥). (٦) المجموع (١/ ٩٠). (٧) سبق تخريجه ص: (٧٤). (٨) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ٤٢)، المجموع (١/ ٨٩)، حاشية ابن عابدين (١/ ١٨٠).