وجه الاستدلال: أن قوله: (من السنة) دليل على أن الاعتماد باليدين على الأرض عند النهوض في حال العذر من كبر أو ضعف، لا يُكره، بل هو السنة، لمشقة القيام دون الاعتماد في هذه الحال، ويؤيده قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا تُبَادِرُونِي فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ فَإِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ (٢)(٣)(٤).
قال ابن قدامة -رحمه الله-: «إذا شق عليه النهوض على الصفة التي ذكرناها، فلا بأس باعتماده على الأرض بيديه، لا نعلم أحداً خالف في هذا»(٥).
الدليل الثاني: يمكن أن يُستدل له بقاعدة: المشقة تجلب التيسير (٦).
ثانياً: اختلف الفقهاء في حكم نهوض المصلي معتمداً على يديه، في غير حال المشقة، على قولين:
القول الأول: يُكره الاعتماد على اليدين عند النهوض.
وهو مذهب الحنفية (٧)، والحنابلة (٨).
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٤٧) برقم: (٣٩٩٨)، ضعّفه النووي في (خلاصة الأحكام) (١/ ٤٢١). لكن يشهد لمعناه الأحاديث الكثيرة التي روت عدم الاعتماد عند النهوض مع عدم الحاجة، منها حديث أبي هريرة، وحديث وائل، وحديث ابن عمر، وستأتي قريباً. (٢) بَدَّنْتُ -بالتشديد-: أي: كبرت وأسننت، والتخفيف من البدانة وهي كثرة اللحم، ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- سميناً. يُنظر: غريب الحديث، للقاسم بن سلام (١/ ١٥٢)، الصحاح (٥/ ٢٠٧٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ١٠٧). والبدانة هي الضخامة، ولم يكن ذلك من صفاته -صلى الله عليه وسلم-. يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٣). (٣) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المأموم من اتباع الإمام (١/ ٤٦٢) برقم: (٦١٩)، وأحمد (٢٨/ ٥٣) برقم: (١٦٨٩٢) واللفظ له، صححه ابن خزيمة (٢/ ٧٦٨) برقم: (١٥٩٤)، وابن حبان (٥/ ٦٠٧) برقم: (٢٢٢٩). قال البوصيري في (مصباح الزجاجة) (١/ ١١٧): «هذا إسناد صحيح»، وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن حبان (٥/ ٦٠٩) برقم: (٢٢٣١). (٤) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٣)، المغني (١/ ٣٨١)، فتح الباري، لابن رجب (٧/ ٢٩٢). (٥) المغني (١/ ٣٨١). (٦) وهي إحدى القواعد الكلية الكبرى. يُنظر: القواعد للحصني (١/ ٣٠)، الأشباه والنظائر، للسيوطي (ص: ٧)، موسوعة القواعد الفقهية (١/ ١/ ٢٩). (٧) يُنظر: تبيين الحقائق (١/ ١١٩)، البناية (٢/ ٢٥٠)، حاشية ابن عابدين (١/ ٥٠٦). (٨) يُنظر: المغني (١/ ٣٨٠)، كشاف القناع (١/ ٣٥٤).