للخضوع والتذلل؛ ليتبين لأولي العلم معنى الكتاب العزيز، وينكشف لذوي البصائر حقيقة القرآن الكريم» (١).
وجاء في (مرقاة المفاتيح): «إن الركوع والسجود حالان دالان على الذل، ويناسبهما الدعاء والتسبيح، فنُهي عن القراءة فيهما تعظيماً للقرآن الكريم، وتكريماً لقارئه القائم مقام الكليم، والله بكل شيء عليم»(٢).
القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.
ذلك أن النهي جاء في باب الأدب والإرشاد للتنزيه، والنهي في باب الأدب محمول على الكراهة (٣).
قال زكريا الأنصاري -رحمه الله-: «فيه كراهة قراءة القرآن -ولو بعض آية- في الركوع والسجود، ومثلها كما في المجموع سائر أفعال الصلاة غير القيام، وهي كراهة تنزيه، فلو قرأ في شيء من ذلك كُره، ولم يُبطِل صلاته»(٤).
والعلة من النهي:
قال النووي -رحمه الله-: «إنما وظيفة الركوع التسبيح، ووظيفة السجود التسبيح والدعاء»(٥).
وقال الطيبي -رحمه الله-: «لما كان الركوع والسجود -وهما غاية الذل والخضوع- مخصوصين بالذكر والتسبيح، نهَى -صلى الله عليه وسلم- عن القراءة فيهما كأنه كره أن يُجمع بين كلام الله -سبحانه وتعالى- وكلام الخلق في موضع واحد، فيكون علي السواء»(٦).
الحكم على القرينة:
الذي يظهر أن قرينة بيان المقصد قرينة قوية ومعتبرة؛ إذ إنها مستفادة من
(١) شرح أبي داود (٤/ ٨٦). (٢) (٢/ ٧١١). (٣) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢٢٨١)، الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (ص: ٣٢٣). (٤) فتح العلام بشرح الإعلام (ص: ٢٠٢)، ويُنظر: حاشية الدسوقي (١/ ٢٥٣). (٥) المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ١٩٧). (٦) شرح المشكاة (٣/ ١٠١٥).