الدليل الثاني: أن شد الوسط في الصلاة أستر للعورة (١).
واستدل الحنابلة على كراهة شد الوسط بما يشبه الزُّنَّار بعموم أدلة النهي عن التشبه بالكفار:
الدليل الأول: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)) (٢).
الدليل الثاني: وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( .. وَلَا تَشْتَمِلُوا كَاشْتِمَالِ الْيَهُودِ)) (٣).
وجه الاستدلال من الأحاديث: أن الأحاديث تدل على النهي عن التشبه بالكفار، وهو للتحريم فيما كان مختصاً بهم وشعاراً لهم؛ لشدة المشابهة، ويُحمل على الكراهة إذا لم يَقْوَ التشبه: كشد الوسط بما يشبه الزُّنَّار (٤)، ولأنه لا فرق إلا بما يتميزون به من اللباس (٥).
دليل القول الثاني:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، لَا أَكُفُّ شَعَراً وَلَا ثَوْباً)) (٦).
وجه الاستدلال: أن في الحديث نهياً عن كف الثوب بجمعه وضمه، وهو ضد الإرسال، ومن ذلك شد الوسط، فيُكره؛ لأن فيه منع الثوب من السجود معه؛ ولأن فيه تكبراً (٧).
(١) يُنظر: فتح الباري، لابن رجب (٧/ ٢٦٥)، كشاف القناع (١/ ٢٧٦). (٢) سبق تخريجه: ص (٨١). (٣) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به (١/ ٤٧٣) برقم: (٦٣٥)، والبيهقي (٤/ ٢٢٥) برقم: (٣٣١٥)، واللفظ له، وأحمد (١٠/ ٤٢٤) برقم: (٦٣٥٦)، وصححه ابن خزيمة (١/ ٣٩٩) برقم: (٧٦٩)، وقال الحاكم في (المستدرك) (١/ ٣٨٣): «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين»، وصححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (١/ ١٧٤). (٤) يُنظر: كشاف القناع (١/ ٢٧٦)، مطالب أولي النهى (٢/ ٦٠٧). (٥) يُنظر: الفروع (٢/ ٥٨). (٦) سبق تخريجه: ص (٣٤٠). (٧) يُنظر: أسنى المطالب (١/ ١٦٣)، تحفة المحتاج (٢/ ١٦٢).