الدليل الأول: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ (٢) الْمَسَاجِدِ، قال ابن عباس: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى)) (٣).
وجه الاستدلال: يدل الحديث على أن تشييد المساجد والمباهاة بها، بدعة مكروهة (٤)، وأن السنة في بنيان المساجد: القصد وترك الغلو في تشييدها خشية الفتنة والمباهاة ببنائها؛ لأنه كفِعل أهل الكتاب بكنائسهم وبِيَعِهم، والمسلم منهيٌّ عن مشابهتهم (٥).
الدليل الثاني: عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ)) (٦).
وجه الاستدلال: أن زخرفة المساجد من دلالات سوء حال الناس وسوء أعمالهم، فيُكره لذلك (٧).
الدليل الثالث: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ
(١) يُنظر: المبسوط (٣٠/ ٢٨٤)، الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٦٦). (٢) تَشْييدُ المساجد: من: شيّد، وشيدته تشييداً: طولته ورفعته، والمراد بتشييد المساجد هنا: رفع البناء وتطويله، وقيل: يشيد البنيان إذا عمله بالشَّيد، وهو كل ما طُليت به الحائط من جص وغيره. يُنظر: الصحاح (٢/ ٤٩٥)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٥١٧)، المصباح المنير (١/ ٣٢٩)، نيل الأوطار (٢/ ١٧٥). (٣) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في بناء المساجد (١/ ٣٣٦) برقم: (٤٤٨)، صححه ابن حبان (٤/ ٤٩٤)، وقول ابن عباس أخرجه البخاري تعليقاً (١/ ٩٧)، وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) (١/ ٥٤٠): «وإنما لم يذكر البخاري المرفوع منه للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله»، «ويزيد هذا روى له مسلم والأربعة» قاله العيني في (عمدة القاري) (٤/ ٢٠٥). وقال الشوكاني في (نيل الأوطار) (٢/ ١٧٤): «رجاله رجال الصحيح». (٤) يُنظر: نيل الأوطار (٢/ ١٧٥). (٥) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٢/ ٩٧)، فيض القدير (٦/ ٩). (٦) أخرجه ابن ماجه، أبواب المساجد والجماعات، باب تشييد المساجد (١/ ٤٧٧) برقم: (٧٤١)، قال البوصيري في (مصباح الزجاجة) (١/ ٩٤): «هذا إسناد فيه جبارة بن المغلس، وقد اتُهم بالكذب». (٧) يُنظر: الشرح الكبير (٣/ ١٢٠)، كشاف القناع (٢/ ٣٦٦).