وهو قول عند المالكية (١) وقيَّدوه بما إذا كان يعبث ولا يكف إذا نُهي، وإلا فيُكره.
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ -بِنْتِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- … )) (٢).
وجه الاستدلال: أن حمْل النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمامة وهو يصلي، فيه دليل على جواز إدخال الصبيان المساجد، ولا ينفي هذا الكراهة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- فَعَله لبيان الجواز، فيكون حينئذ أفضل في حقه؛ فإن البيان واجب (٣)، والنهي في حديث واثلة -رضي الله عنه- محمول على الكراهة فيمن لا يُؤمن منهم العبث والتلويث (٤).
الدليل الثاني: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:((إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي؛ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ)) (٥).
وجه الاستدلال: أن في الحديث دليلاً على جواز إدخال الصبي المسجد؛ لإقراره -صلى الله عليه وسلم- ذلك؛ لأن الطفل كان مع أمه التي حضرت المسجد لشهود الصلاة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان الأولى تنزيه المسجد عمن لا يُؤمن حَدَثُه فيها؛ لحديث النهي (٦).
نُوقش: بأنه يُحتمل أن يكون الصبي كان مُخلفاً في بيت يقرب من المسجد بحيث
(١) يُنظر: شرح مختصر خليل، للخرشي (٧/ ٧٢)، حاشية الدسوقي (٤/ ٧١). (٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة (١/ ١٠٩) برقم: (٥١٦)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان فِي الصلاة (١/ ٣٨٥) برقم: (٥٤٣). (٣) يُنظر: المجموع (٢/ ١٧٦)، أسنى المطالب (٢/ ٤٥٠). (٤) يُنظر: أسنى المطالب (١/ ١٨٦)، نيل الأوطار (٣/ ١٦٤). (٥) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب مَنْ أخف الصلاة عند بكاء الصبي (١/ ١٤٣) برقم: (٧٠٩)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام (١/ ٣٤٢) برقم: (٤٧٠). (٦) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ١٨٧)، نيل الأوطار (٣/ ١٦٤).