وهو مذهب الحنفية (١)، وقول عند الشافعية (٢)، والمذهب عندالحنابلة (٣).
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْراً كِتَابُ اللهِ)) (٤)، والحديث فيه قصة اللَّدِيغ.
وجه الاستدلال: أن عموم الحديث يدل على جواز أخْذ الأجرة على الرُّقية وتعليم القرآن، وتلحق بها القُرب ذات المنفعة المتعدية، ومنها: الأذان (٥).
الدليل الثاني: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في قصة اللَّدِيغ، وفيها: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قَدْ أَصَبْتُمُ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْماً)) (٦).
وجه الاستدلال: أن في الحديث دليلاً على جواز أخْذ الأجرة على الرُّقية، وذلك أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أخذوا الغنم التي أُعطيت لهم على الرُّقية تحرَّجوا من قِسمتها وأكْلها، وأخبروا بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأعلمهم أنها حلال، ولهم أخْذ الأجرة عليه، وأكَّد لأنفسهم، وطيَّب نفوسهم بأن قال:(وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْماً)؛ ولذا جاز أخْذ الأجرة على الأذان؛ لأنه في معناه (٧).
نُوقش: أن المراد منه الجُعالة (٨) في الرُّقية كما هو ظاهر سياق الحديث، والرُّقية نوع مُدَاواة، والمأخوذ عليه جُعل، والمداواة يُباح أخْذ الأجر عليها (٩).
(١) يُنظر: البناية (٢/ ٩٧)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٩٢). (٢) يُنظر: الحاوي الكبير (٢/ ٦٠)، المجموع (٣/ ١٢٥). (٣) يُنظر: المغني (١/ ٣٠١)، الشرح الكبير (٣/ ٥٧)، مطالب أولي النهى (١/ ٢٩٠). (٤) أخرجه البخاري، كتاب الطب، باب الشرط في الرُّقية بقطيع من الغنم (٧/ ١٣١) برقم: (٥٧٣٧). (٥) يُنظر: المغني (٣/ ٢٢٤)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٥/ ٨٦). (٦) أخرجه البخاري، كتاب الإجارة، باب ما يُعطى في الرُّقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب (٣/ ٩٢) برقم: (٢٢٧٦)، ومسلم، كتاب السلام، باب جواز أخْذ الأجرة على الرُّقية بالقرآن والأذكار (٤/ ١٧٢٧) برقم: (٢٢٠١). (٧) يُنظر: شرح التلقين (١/ ٤٣١)، المغني (٥/ ٤١١)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٥/ ٨٧). (٨) الجُعل -بالضم-: العطية، وهو ما يعطاه الإنسان على الأمر يفعله، ويقال: الجعالة، والجعيلة. يُنظر: التعريفات (ص: ٧٦)، الصحاح (٤/ ١٦٥٦)، المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٣٤٠). (٩) يُنظر: البناية (١٠/ ٢٨١).