نُوقش: بأنه لا دلالة لهم فيه؛ فإنه ليس في مناسك الحج قراءة مخصوصة حتى تدخل في عموم هذا الكلام، وإنما تدخل الأذكار والأدعية (١).
الدليل الثالث: ما يُروى ((عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقرأ القرآن وهي حائض)) (٢)، والظاهر أن هذا مع تكرره عليها، ولعلها طالعت النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، أو فهمت عنه ما استباحت هذا منه (٣).
نُوقش: أن فعل عائشة -رضي الله عنها- لا حجة فيه -على تقدير صحته- لأن غيرها من الصحابة خالفها، وإذا اختلف الصحابة -رضي الله عنهم- رجعنا إلى القياس (٤).
الدليل الرابع: أن مَنْعها من القراءة يُخشى منه نسيانها القرآن؛ لطول أمرها، ولأنها لا تملك طهرها (٥).
نُوقش من وجهين: الأول: أن عَجْزها عن تحصيل صفة الطهارة يدل على تغلُّظ ما بها من الحدث، فلا يدل على إطلاق القراءة لها (٦).
الثاني: أن خوف النسيان نادر؛ فإن مدة الحيض غالباً ستة أيام أو سبعة، ولا يُنسى غالباً في هذا القدر، ولأن خوف النسيان ينتفي بإمرار القرآن على القلب، والله أعلم (٧).
الدليل الخامس: أنها لا تُمنع لحاجة التعليم؛ فربما تكون مُعلِّمة، فيتعطل كَسْبُها بذلك (٨).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ، وَلَا الجُنُبُ
(١) يُنظر: فتح الباري، لابن رجب (٢/ ٤٩)، طرح التثريب (٥/ ١٢٣). (٢) استدل به القرافي في (الذخيرة) (١/ ٣٧٩)، والمازري في (شرح التلقين) (١/ ٣٣٢)، ولم أقف عليه في كتب الأحاديث والآثار، وأورده ابن بطال في (شرح صحيح البخاري) (١/ ٤١٥). (٣) يُنظر: الذخيرة (١/ ٣٧٩)، شرح التلقين (١/ ٣٣٢). (٤) يُنظر: المجموع (٢/ ٣٥٧). (٥) يُنظر: التبصرة (١/ ٢١٧)، التاج والإكليل (١/ ٤٦٢). (٦) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٤٩)، المبسوط، للسرخسي (٣/ ١٥٢). (٧) يُنظر: المجموع (٢/ ٣٥٧). (٨) يُنظر: بحر المذهب (١/ ١١٧)، الذخيرة (١/ ٣١٥).