الدليل الثالث: عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت:((سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ (٤)، فَامَّرَقَ (٥) شَعَرُهَا، وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا، أَفَأَصِلُ فِيهِ؟ فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ)) (٦).
الدليل الرابع: عن عائشة -رضي الله عنها-: ((أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ، وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ (٧) شَعَرُهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ)) (٨).
وجه الاستدلال: أن في الأحاديث دليلاً على تحريم وصل الشعر، سواء كان لمعذورة أم عروس أم غيرها؛ لورود اللعن على الفاعل، واللعن من أقوى دلالات التحريم (٩)، وهو عام يشمل: الشَّعر والصوف والْخِرَقَ ونحوها.
(١) الوَاصِلَةُ: التي تصل شعرها بشعر آخر زورا، سواء كان لنفسها أم لغيرها، والموصولة: هي المستوصلة: التي تأمر من يفعل بها ذلك. يُنظر: مقاييس اللغة (٦/ ١١٥)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٩٢)، فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٣٧٥). (٢) الوَشْمُ: أن يغرز الجلد بإبرة، ثم يُحشى بكحل أو نيل، فيَزْرَقُّ أثره أو يَخْضَرُّ، وقد وشمت تشم وشماً فهي واشمة، والمستوشمة: التي يُفعل بها ذلك. يُنظر: الصحاح (٥/ ٢٠٥٢)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٨٩). (٣) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الوصل في الشعر (٧/ ١٦٥) برقم: (٥٩٣٣). (٤) الحَصْبَةُ: هي بثرات تخرج في الجلد حُمر متفرقة. يُنظر: مقاييس اللغة (٢/ ٧٠)، الكواكب الدراري (٢١/ ١٣٠). (٥) امَّرَقَ: الميم والراء والقاف: أصل صحيح يدل على خروج شيء من شيء، وامرق: أي انتثر شعرها وتساقط من مرض. يُنظر: مقاييس اللغة (٥/ ٣١٣)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٣٢١). (٦) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الموصولة (٧/ ١٦٦) برقم: (٥٩٤١)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة (٣/ ١٦٧٦) برقم: (٢١٢٢). (٧) تمعط: أي تساقط من داء وتناثر. يُنظر: الصحاح (٣/ ١١٦١)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٣٤٣). (٨) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الوصل في الشعر (٧/ ١٦٥) برقم: (٥٩٣٤)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة (٣/ ١٦٧٧) برقم: (٢١٢٣). (٩) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ١٠٥)، فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٣٧٧).