الدليل الأول: عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ (١)، وَسَلَقَ (٢)، وَخَرَقَ (٣)(٤)، وفي رواية:((لَيْسَ مِنَّا من حلق (٥) … )) (٦).
وجه الاستدلال: أن البراءة من فاعل هذه الأمور -ومنها: حلق الرأس- وقوله:(ليس منا)، مبالغة في الردْع عن الوقوع فيها، دالٌّ على كراهتها.
نُوقش: أن هذا استدلال بالحديث في غير المراد به، وإنما المراد هنا النهي عن الحلق للتسخط على المصيبة؛ بدلالة قوله:(وسلق، وحلق)(٧)، وقصة الحديث تدل على ذلك.
الدليل الثاني: عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لَا تُوضَعُ النَّوَاصِي إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ)) (٨).
وجه الاستدلال: أن في الحديث النهي عن حلق الرأس في غير النُسُك، والنهي للكراهة والتنزيه.
(١) الحَلْقُ: من حلق حلقاً، وحلاقة الرأس: أزال عنه الشعر، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٤٢٧)، لسان العرب (١٠/ ٥٩)، معجم لغة الفقهاء (ص: ١٨٥). (٢) سَلَقَ: أي: رفع صوته عند المصيبة، ويُقال بالصاد، وهما لغتان، وجاء في رواية: الصالقة: وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة. يُنظر: الصحاح (٤/ ١٤٩٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٤٨ و ٣٩١)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٢/ ١١٠). (٣) الخَرْقُ: الشق، وجاء في رواية: الشاقة: وهي التي تشق ثوبها عند المصيبة. يُنظر: الصحاح (٤/ ١٤٦٦)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٢٦)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٢/ ١١٠). (٤) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية (١/ ١٠٠) برقم: (١٠٤)، وفي قصة الحديث: أنه لما ثقل أبو موسى -رضي الله عنه- أقبلت امرأته تصيح .... (٥) ليس منا: أي من أهل سنتنا وطريقتنا، وليس المراد به إخراجه عن الدين، ولكن فائدة إيراده بهذا اللفظ: المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك. يُنظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٩/ ٥٣٧)، فتح الباري، لابن حجر (٣/ ١٦٣). (٦) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية (١/ ١٠٠) برقم: (١٠٤). (٧) يُنظر: المغني (١/ ٦٧). (٨) سبق تخريجه ص: (١٤٦).