وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بثلاثة أحجار، والأمر يقتضي الوجوب (١).
نُوقش: بأن الأمر يُحمل على الندب لا الايجاب؛ بدلالة نفي الحرج كما سيأتي عند ذكر أدلة القول الثاني.
الدليل الثالث: عن عائشة -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:((إذا ذهبَ أحدُكُم إلى الغائِطِ فليَذهَبْ معه بثلاثةِ أحجارٍ يَستَطيبُ بهنَّ، فإنَّها تُجزئُ عنه)) (٢).
وجه الاستدلال: أن في الحديث أمراً بثلاثة أحجار، والأمر يقتضي الوجوب، ودل على أن ثلاثة أحجار تجزي من الاستنجاء، ولا يجزي بأقل من ذلك، والإجزاء إنما يُستعمل في الواجب (٣).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:((أَتَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً (٤) فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ (٥)(٦).
وجه الاستدلال: أن إلقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- للروثة وأخْذه الحجرين، دل على أن الاستجمار بهما يجزئ؛ لأنه لو كان لا يجزئ الاستجمار بما دون الثلاث لما اكتفى
(١) يُنظر: المغني (١/ ١١٢). (٢) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة (١/ ٣٠) برقم: (٤٠)، والنسائي في السنن الصغرى، كتاب الطهارة، أبواب الفطرة، الاجتزاء في الاستطابة بثلاثة أحجار دون غيرها (١/ ٤١) برقم: (٤٤)، وأحمد (٤١/ ٢٨٨) برقم: (٢٤٧٧١)، قال الزيلعي في (نصب الراية) (١/ ٢١٥): «قال الدارقطني: إسناده صحيح»، وحسّنه ابن الملقن في (البدر المنير) (٢/ ٣٤٧). (٣) يُنظر: المغني (١/ ١١٢)، الأوسط (١/ ٣٤٩). (٤) الرَوْثَةُ: واحدة الرَوْثِ والأَرواثِ، والروث: رجيع ذوات الحافر. يُنظر: الصحاح (٣/ ١٢١٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٢٧١). (٥) رِكْس: الركس -بالكسر- هو النجس والرجس وكل مستقذر. يُنظر: الصحاح (٣/ ٩٣٦)، المصباح المنير (١/ ٢٣٧)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٦٧٤). (٦) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب الاستنجاء بالحجارة (١/ ٤٣) برقم: (١٥٦).