وقيل: ﴿لَا تَكَلَّمُ﴾. وإنما هو: لا تَتَكَلَّمُ. فحُذِفت إحدى التاءين؛ اجْتِزاءً بدلالةِ الباقيةِ (٢) منهما عليها.
وقولُه: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾. [يقولُ: فمِن هذه النفوسِ التي لا تتكَلَّمُ يومَ القيامة إلا بإذن ربِّها، شقيٌّ وسعيدٌ](٣)، وعاد (٤) على النفسِ، وهى فى ذِكْرِ (٥) واحدةٍ، بذكرِ الجميعِ في قولِه: ﴿فَمِنْهُمْ﴾؛ [لأن النفسَ وإن كانت في لفظِ واحدةٍ، فإنها بمعنى الجميعِ، فلذلك قيل: ﴿فَمِنْهُمْ](٦) شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾.
يقول تعالى ذكرُه: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا﴾ [من هذه النفوسِ](٦)، ﴿فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ﴾ (٧) وهو أولُ نُهاقِ الحمارِ وشِبْهِه، ﴿وَشَهِيقٌ﴾. وهو آخرُ نَهِيقِه إذا ردَّده فى الجوفِ عندَ فراغِه مِن نُهاقِه، كما قال رُؤْبةُ بنُ العَجَّاجِ (٨):
حشْرَج (٩) في الجوفِ سحِيلًا أو شَهَقْ
(١) البيت في معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٧، واللسان (ل ى ق)، بدون نسبة، وقوله: "ما تليق درهما" أي: ما تحبسه. كما في اللسان. (٢) في ت ٢: "الثانية". (٣) سقط من: ت ١، س، ف. (٤) في س: "دعا". (٥) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "لفظ"، وفى م: "اللفظ". (٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف. (٧) بعده فى م: "لهم". (٨) ديوانه ص ١٠٦. (٩) الحشرجة: تردد صوت النَّفَس، وهو الغرغرة فى الصدر. اللسان (ح ش ر ج)، والسحيل: الصوت الذي يدور فى صدر الحمار، وهو أيضا السُّحال. اللسان (س ح ل).