فيَفْضَحوهم - وقد كان قومُه نَهَوه أن يُضِيفَ رجلًا، فقالوا: خَلِّ عَنَّا فلنُضِفِ الرجالَ - فجاء بهم، فلم يعلَمْ أحدٌ إلا أهلُ بيتِ لوطٍ، فخرَجت امرأتُه، فأخْبَرَت قومَها، قالت: إن في بيتِ لوطٍ رجالًا ما رأيتُ (١)؛ مثلَ وجوهِهم قَطُّ. فجاءه قومُه يُهْرَعون إليه (٢).
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: خرَجت الرسلُ - فيما يزعمُ أهلُ التوراةِ - مِن عند إبراهيمَ إلى لوطٍ بالمؤتفِكةِ، فلما جاءتِ الرسلُ لوطًا سِيءَ بهم، ﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾، وذلك مِن خوفِ (٣) قومِه عليهم، أن يَفْضَحُوه في ضيفِه، فقال: ﴿هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾.
وأما قولُه: ﴿وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾. فإنه يقولُ: وقال لوطٌ: هذا اليومُ يومٌ شديدٌ شَرُّه، عظيمٌ بَلاؤُه.
وكنتُ لِزَازَ (٥) خَصْمِكَ لم أُعَرِّدْ (٦) … وقد سَلَكُوكَ في يومٍ عَصِيبِ
وقولُ الراجزِ (٧):
(١) بعده في الأصل: "مثلهم". (٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٩٩ بإسناد السدي المعروف، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٦٠ والحاكم ٢/ ٥٦٢، ٥٦٣ من طريق عمرو بن حماد به. (٣) في ص، م، ف: "تخوف". (٤) الأغاني ٢/ ١١١، ومجاز القرآن ١/ ٢٩٤، واللسان (س ل ك). (٥) اللَّزَز: الشِّدَة، وإنه لَلِزاز خصومة ومِلَزٌّ، أي: لازم لها موكل بها يقدر عليها. ينظر اللسان (ل ز ز). (٦) عرَّد الرجل عن قرنه، إذا أحجم ونكل، والتعريد: الفرار، ينظر اللسان (ع ر د). (٧) مجاز القرآن ١/ ٢٩٤.