ثم انصرف وأنا معه، حتى [إذا] كدنا أن نخرج، فإذا رجل من خلفنا يقول: كما أنت يا محمد! فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود؟ قالوا: واللَّه؛ ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب اللَّه منك، ولا أفقه منك، ولا من أبيك قبلك، ولا من جدك قبل أبيك. قال: فإني أشهد له باللَّه أنه نبي اللَّه الذي تجدونه في التوراة. فقالوا: كذبت! ثم ردوا عليه قوله، وقالوا فيه شرًّا، فقال رسول اللَّه ﷺ:
"كذبتم، لن يقبل قولكم، أما آنفًا فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، وأما إذ آمن فكذبتموه وقلتم فيه ما قلتم، فلن يقبل قولكم".
قال: فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول اللَّه ﷺ، وأنا، وعبد اللَّه بن سلام، وأنزل اللَّه تعالى فيه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأحقاف: ١٠](١). [انتهى المستدرك].
(١) أخرجه أحمد (٦/ ٢٥)، والزيادات له، والحاكم (٣/ ٤١٥ - ٤١٦) وقال: "صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم فقط: لأن صفوان بن عمرو لم يخرج له البخاري إلا في "الأدب المفرد".