للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبُعِثَ رسول اللَّه ، فأقام بـ (مكة) ما أقام، ولا أسمع له بذكر مما أنا فيه من شغل الرِّق، ثم هاجر إلى (المدينة).

فواللَّه؛ إني لفي رأس عذقٍ (١) لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس تحتي، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال: يا فلان! قاتل اللَّه بني قيلة (٢)، واللَّه؛ إنهم لمجتمعون الآن بـ (قباء) (٣) على رجل قدم من (مكة) اليوم يزعمون أنه نبي.

قال سلمان: فلما سمعتها أخذتني الرِّعْدَةُ (٤)، حتى ظننت أني ساقط على سيدي، فنزلت عن النخلة، فجعلت أقول لابن عمه: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟

قال: فغضب سيدي، فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا؟! أقبل على عملك.

قال: فقلت: لا شيء؛ إنما أردت أن أستثبته عما قال.

قال: وكان عندي شيء جمعته، فلما أمسيت أخذته، ثم ذهبت به إلى رسول اللَّه وهو بـ (قباء)، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك


(١) بفتح العين: النخلة. وبكسرها: الكباسة، والمراد هنا الأول.
(٢) يعني: الأنصار.
(٣) قرية على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى (مكة)، وقد اتصل بنيانها اليوم بـ (المدينة)، فصارت ضاحية منها.
(٤) في "السيرة" وغيرها: "العُرواء"، وفسرها ابن هشام بالرعدة من البرد والانتفاض، فإن كان مع ذلك عرق فهي: الرحضاء.

<<  <   >  >>