قال ابن إسحاق (١): وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال لي:
هل تدري عَمَّ كان إسلام ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعيد، وأسد بن عبيد؟ -نفر من بني هدل إخوة بني قريظة: كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا ساداتهم في الإسلام- قال: قلت: لا [واللَّه]. قال:
فإن رجلًا من اليهود من أرض الشام يقال له: ابن الهيِّبان قدم علينا قبل الإسلام بسنين، فحلَّ بين أظهرنا، لا واللَّه: ما رأينا رجلًا قط لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا، فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اخرج يا ابن الهيبان! فاستسق لنا. فيقول: لا واللَّه: حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة. فنقول: كم؟ فيقول: صاعًا من تمر، أو مدّين من شعير. قال: فنخرجها، ثم يخرج بنا بلى ظاهر حرتنا فيستسقي لنا، فواللَّه: ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقي. قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث.
قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود! ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال: قلنا: أنت أعلم.
قال: فإني إنما قدمت هذه البلدة أتَوَكَّف (٢) خروج نبي قد أظل زمانه، هذه البلدة مهاجَره، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه، فلا تُسْبَقُنَّ
(١) في "السيرة" (٢٢٦ - ٢٢٨)، وعنه أبو نعيم في "الدلائل" (ص ١٩). (٢) [أي: أتوقع وأنتظر] الناشر.