وثبت في الحديث أنه كان لا يقف بالمزدلفة ليلة عرفة؛ بل كان يقف (١) مع الناس بـ (عرفات)؛ كما قال محمد بن إسحاق. . . عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه جبير قال:
لقد رأيت رسول اللَّه ﷺ وهو على دين قومه (٢)، وهو يقف على بعير له بـ (عرفات) من بين قومه، حتى يدفع معهم؛ توفيقًا من اللَّه ﷿ له.
قال البيهقي: معنى قوله: "على دين قومه": ما كان بقي من إرث إبراهيم وإسماعيل ﵉، ولم يشرك باللَّه قط؛ صلوات اللَّه وسلامه عليه دائمًا أبدًا.
قلت: ويفهم من قوله هذا أيضًا أنه كان يقف بـ (عرفات) قبل أن يوحى إليه، وهذا توفيق من اللَّه له.
ورواه الإمام أحمد والطبراني (١٥٧٧) عن محمد بن إسحاق، ولفظه:
رأيت رسول اللَّه ﷺ قبل أن ينزل عليه- وإنه لواقف على بعير له مع الناس
(١) الأصل: "لا يقف"، وهو خطأ، وهو في "البداية" على الصواب. (٢) كذا وقع هنا، والذي في "السيرة" (١/ ٢١٦): "قبل أن ينزل عليه الوحي". وهو الموافق لرواية أحمد الآتية أعلاه، وأخرجه الحاكم (١/ ٤٦٤) بنحوه بلفظ أتم: قال جبير بن مطعم: كانت قريش إنما تدفع من (المزدلفة) ويقولون: نحن (الحمس)؛ فلا نخرج من الحرم. وقد تركوا الموقف على عرفة. قال: فرأيت رسول اللَّه ﷺ في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمل له، ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة، فيقف معهم، يدفع إذا دفعوا. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي، وله في "الجمع" (٣/ ٢٥١) شاهد.