قال: فمه؛ رجل اختار لنفسه أمرًا؛ فماذا تريدون؟! أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبكم هكذا؟! خلوا عن الرجل.
قال: فواللَّه؛ لكأنما كانوا ثوبًا كُشِطَ عنه.
قال: فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى (المدينة): يا أبت! من الرجل الذي زجر القوم عنك بـ (مكة) يوم أسلمت وهم يقاتلونك؟
قال: ذاك أي بني! العاص بن وائل السهمي.
وهذا إسناد جيد قوي (١)، وهو يدل على تأخر إسلام عمر؛ لأن ابن عمر عرض يوم (أُحد) وهو ابن أرج عشرة سنة، وكانت (أحد) في سنة ثلاث من الهجرة، وقد كان مميزًا يوم أسلم أبوه، فيكون إسلامه قبل الهجرة بنحو من أربع سنين، وذلك بعد البعثة بنحو تسع سنين. واللَّه أعلم.
(١) قلت: ورواه الحاكم (٣/ ٨٥) من طريق ابن إسحاق، وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. ويزداد قوة بأن البخاري أخرجه (٣٨٦٤) من طريق أخرى: عن زيد بن عبد اللَّه ابن عمر عن أبيه: قال: "بينما هو (يعني: عمر) في الدار خائفًا؛ إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو عليه حلة حبر. . " الحديث نحوه، وفيه: "فقال: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت. قال: لا سبيل إليك. بعد أن قالها أمنتُ، فخرج العاص، فلقي الناس قد سأل بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ. قال: لا سبيل إليه. فكرَّ الناس". زاد في طريق أخرى: "فأنا له جار. قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه". ولقد أبعد ابن سيد الناس النجعة في "عيون الأثر" (١/ ١٢٥)؛ فلم يذكر الحديث من رواية البخاري؛ بل من رواية ابن عائذ!