قال الترمذي (١): في إسناده مقال، وقال الإمام أحمد (٢): "هذا حديث ضعيف، والصحيح أنه أقرّهما على النكاح الأول"، وقال الدارقطني (٣): "هذا حديث لا يثبت، والصواب حديث ابن عباس أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَّها بالنكاح الأول"، وقال الترمذي في كتاب "العلل"(٤) له: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: حديث ابن عباس في هذا الباب أصح من حديث عمرو بن شعيب.
فكيف يجعل هذا الحديث الضعيف أصلًا ترد به السنة الصحيحة المعلومة ويجعل خلاف الأصول (٥)؟.
فإن قيل: إنما جعلناها خلاف الأصول لقوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة: ١٠]، وقوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ](٦)} [البقرة: ٢٢١]، وقوله:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة: ١٠]، ولأن اختلاف الدين مانعٌ من ابتداء النكاح؛ فكان مانعًا من دوامه كالرضاع.
قيل: لا تخالف السنة شيئًا من هذه الأصول، إلّا هذا القياس الفاسد؛ فإن هذه الأصول إنما دلَّت على تحريم نكاح الكافر ابتداء والكافرة غير الكتابيين،
= الحجاج من عمرو بن شعيب، إنما سمعه من محمد بن عبيد اللَّه العرزمي، والعرزمي لا يساوي حديثه شيئًا، والحديث الصحيح الذي يُروى عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرّهما على النكاح الأول". وقال الترمذي: "هذا حديث في إسناده مقال"، وقال في "العلل الكبير" (١/ ٤٥٠ - ٤٥١): "سألت محمدًا عن هذين الحديثين -أي هذا الحديث، وحديث ابن عباس الذي قبله- فقال: "حديث ابن عباس أصح في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده". وقال الدارقطني: "هذا لا يثبت، وحجاج لا يحتجّ به، والصواب حديث ابن عباس أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ردّهما بالنكاح الأول". وقال البيهقي في "المعرفة": "لو صح الحديثان، لقلنا بحديث عمرو بن شعيب؛ لأن فيه زيادة ولم يثبته الحفاظ فتركناه، وأخذنا بحديث ابن عباس". وانظر: "معالم السنن" (٢/ ٦٧٦) وتعليقي على "سنن الدارقطني" (رقم ٣٥٦٤). (١) في "جامعه" (١١٤٢). (٢) في "المسند" (١١/ ٤٣١ رقم ٦٩٣٨)، ونحوه في "العلل" لابنه عبد اللَّه (١/ ١١٩). (٣) في "السنن" (٣/ ٣٥٢). (٤) (١/ ٤٥٠ - ٤٥١). (٥) انظر كلام المؤلف حول هذا الحديث في "تهذيب السنن" (٣/ ١٥٠ - ١٥٥). (٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).