لا نقضي؛ لأنا لم نتجانفْ لإثم، وروي عنه أنه قال: نقضي (١)، وإسناد الأول أثْبتُ، وصحَّ عنه أنه قال: الخطْبُ يسيرٌ (٢)؛ فتأوَّل ذلك من تأوله على أنه أراد خفة أمر القضاء، واللفظ لا يدل على ذلك.
قال شيخنا (٣): وبالجملة فهذا القول أقوى أثرًا ونظرًا، وأشبه بدلالة الكتاب والسنة والقياس.
قلت له: فالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مر على رجل يحتجم فقال:"أفطرَ الحاجمُ والمحجوم"(٤) ولم يكونا عالمين بأن الحجامة تُفَطّر، ولم يبلغهما قبل ذلك قوله:
(١) الذي وجدته في عدم القضاء عن عمر: ما رواه عبد الرزاق (٧٣٩٥) (٤/ ١٧٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢١٧) من طرق عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: "أفطر الناس في زمان عمر. . . ثم طلعت الشمس من سحاب. . فقالوا نقضي هذا اليوم فقال عمر: ولم؟ فواللَّه ما تجنفنا لإثم. ورواه شيبان عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن زيد بن وهب، روى ذلك البيهقي. أقول: لكن الروايات الصحيحة عن عمر هي وجوب القضاء. وهي في "مصنف عبد الرزاق" (٧٣٩٢ و ٧٣٩٣ و ٧٣٩٤)، و"مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٤٤٠)، و"السنن الكبرى" (٤/ ٢١٧). لذلك نقل البيهقي عن يعقوب بن سفيان الفارسي أنه كان يحمل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة ويعدها مما خولف فيه. (٢) رواه مالك في "الموطأ" (١/ ٣٠٣)، ومن طريقه البيهقى في "السنن الكبرى" (٤/ ٢١٧) عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد بن أسلم أن عمر. . . فقال: الخطب يسير وقد اجتهدنا، وخالد بن أسلم لم يدرك عمر. ورواه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٤١) من طريق سفيان بن عيينة لكن قال: عن زيد بن أسلم عن أخيه عن أبيه به. فصح الإسناد واتصل بذكر أسلم العدوي مولى عمر وهو ثقة مخضرم. قال مالك في تفسير (الخطب يسير): القضاء فيما نرى واللَّه أعلم وخفة مؤونته ويساره، يقول: أصوم يومًا مكانه. ورواه عبد الرزاق (٧٣٩٢) عن ابن جريج قال حدثني زيد بن أسلم عن أبيه. . . لكن فيه: فقال عمر: الخطب يسير وقد اجتهدنا نقضي يومًا! وانظر مفصلًا: "مصنف عبد الرزاق" (٤/ ١٧٨ - ١٧٩)، و"سنن البيهقي" (٤/ ٢١٧)، و"فتح الباري" (٤/ ٢٠٠). (٣) المصدر السابق. (٤) رواه أحمد (٤/ ١٢٢، ١٢٣، ١٢٤، ١٢٥)، وعبد الرزاق (٧٥١٩ و ٧٥٢٠)، وابن أبي شيبة (٣/ ٤٩)، وأبو داود في الصوم (٢٣٦٨) و (٢٣٦٩) باب في الصائم يحتجم، وابن =