ولفظه: "تَعوّذي بالله من شر [١] هذا، فإن هذا الغاسق إذا وقب". ولفظ النسائي: "تعوذي بالله من شر هذا، هذا الغاسق إذا وقب".
قال أصحاب القول الأول، وهو أنه [٢] الليل إذا ولج: هذا لا ينافي قولنا؛ لأن القمر آيةُ الليل، ولا يوجد له سلطان إلا فيه، وكذلك النجوم لا تضئ إلا في الليل، فهو يرجع إلى ما قلناه. والله أعلم.
وقوله: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾، قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة والضحاك: يعني السواحر - قال مجاهد: إذا رقين [٣] ونفثن في العقد.
وقال ابن جرير (٤٠): حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور [٤]، عن معمر، عن ابن طاوس، عن إليه قال: ما من شيء أقرب إلى [٥] الشرك من رقية الحية والمجانين.
وفي الحديث الآخر (٤١) أن جبريل جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: اشتكيت [٦] يا محمد؟ فقال: "نعم"، فقال: باسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك، ومن شر كل حاسد وعين، الله يشفيك.
ولعل هذا كان من شكواه ﵇ حين سحر، ثم عافاه الله تعالى وشفاه، وردّ كيد السحَرَة الحسَّاد من اليهود في رءوسهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم، وفضحهم ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله ﷺ يومًا من الدهر، بل كفى الله وشفى وعافى.
وقال الإمام أحمد (٤٢): حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن يزيد بن حَبَّان، عن زيد بن أرقم قال: سحر النبي ﷺ رجلٌ من اليهرد، فاشتكى لذلك أيامًا، قال: فجاءه جبريل فقال: إن رجلًا من اليهود سحرك، عقد لك عُقَدًا في بئر كذا وكذا، فأرسل إليها من يجيء بها. فبعث رسول الله ﷺ[عليًّا، رضي الله تعالى
(٤٠) - تفسير ابن جرير (٣٠/ ٢٢٧). (٤١) - المسند (٣/ ٢٨، ٥٦). ورواه الترمذي رقم (٩٧٢) كتاب الجنائز. وابن ماجه رقم (٣٥٢٣) كتاب الطب. وقال الترمذي: حسن صحيح. (٤٢) - المسند (٤/ ٣٦٧).