وقوله: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾ قال الحسن البصري: هذا وعيد بعد وعيد.
وقال الضحاك: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾، يعني الكفار، ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ يعني: أيها المؤمنون.
وقوله: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾، أي: لو علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة، حتى صرتم إلي المقابر.
ثم قال: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَينَ الْيَقِينِ﴾، هذا تفسير الوعيد المتقدم، وهو قوله: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾ تَوعَّدَهم بهذا الحال، وهي رؤية النار التي إذا زفرت زفرة واحدة [١]- خوَرّ كل ملك مقرب، ونبي مرسل علي ركبتيه، من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال، علي ما جاء به الأثر المروي في ذلك.
وقوله: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)﴾ أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم، من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك. [ما إذا][٢] قابلتم به نعمة من شكره وعبادته.
و [٣] قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز [٤] المقري، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الخزاز [٥]، حدثنا يونس بن عبيد، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أنه سمع عمر بن الخطاب؛ يقول: خرج رسول الله ﷺ عند الظهيرة، فوجد أبا بكر في المسجد فقال:"ما أخرجك هذه الساعة؟ " قال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله. قال: وجاء عمر بن الخطاب فقال: "ما أخرجك يا بن الخطاب؟ "، قال: أخرجني الذي أخرجكما. قال: فقعد عمر، وأقبل رسول الله ﷺ يحدثهما، ثم قال:"هل بكما من قوة، تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعامًا وشرابًا وظلًّا؟ ". قلنا: نعم. قال:"مُرّوا بنا إلى منزل ابن التَّيِّهان أبي الهيثم الأنصاري". قال: فتقدم رسول الله ﷺ بين أيدينا، فسلم واستأذن -[][٦] ثلاث مرات- وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام، تريد أن يزيدها رسول الله ﷺ من السلام، فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم، فقالت: يا رسول الله، قد -والله- سمعت تسليمك، ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك. فقال لها رسول الله ﷺ:"خيرًا". ثم
[١]- سقط من ت، ز. [٢]- في ز: فإذا. [٣]- سقط من ز. [٤]- في خ: الجزار. [٥]- في خ: الجزار. [٦]- في ز، خ: في.