عبد [١] الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عنه - كان قد أنكر على إنسان، وهو: عبد الله بن مسعود، قراءة شيء من القرآن علي خلاف ما أقرأه رسول الله ﷺ فرفعه إلى النبي ﷺ فاستقرأهما، وقال لكل منهما:"أصبت". قال أُبيّ: فأخذني من الشك ولا إذ كنت في الجاهلية. فضرب رسول الله ﷺ في صدره، قال أبي [٢]: ففضت عرقًا، وكأنما أنظر إلى الله فرقًا. وأخبره رسول الله ﷺ أن جبريل أتاه فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف. فقلت:"أسأل الله معافاته ومغفرته". فقال: على حرفين. فلم يزل حتى قال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف. كما قدمنا ذكر هذا الحديث بطرقه وألفاظه في أول التفسير. فلما نزلت هذه السورة الكريمة وفيها: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)﴾، قرأها عليه رسول الله ﷺ قراءة إبلاغ وتثبيت وإنذار، لا قراءة تعلم واستذكار، والله أعلم.
وهذا كما أن عمر بن الخطاب لما سأل رسول الله ﷺ يوم الحديبية عن تلك الأسئلة، وكان فيما قال: أو لم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ [قال:"بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا". قال: لا، قال:"فإنك آتيه ومطوف له"] [٣]. فلما رجعوا من الحديبية، وأنزل الله على النبي ﷺ"سورة الفتح"، دعا عمر بن الخطاب وقرأها عليه، وفيها قوله [٤]: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ … ﴾ الآية، كما تقدم (١٠).
وروى الحافظ أبو نعيم في كتابه "أسماء الصحابة"، من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري المدني: حدثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم، عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن أبي حكيم المدني [حدثني][٥] فضيل: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الله ليسمع قراءة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، فيقول: أبشر عبدي، فوعزتي لأمكنن [٦] لك في الجنة حتى ترضى".
= سبعة أحرف، وبيان معناه، حديث (٢٧٣/ ٨٢٠) (٨/ ٤٦ - ١٤٩). وأخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف، حديث (١٤٧٨) (٢/ ٧٦). والنسائي في كتاب: الافتتاح، باب: جامع ما جاء في القرآن، (٢/ ١٥٢ - ١٥٣). كلاهما من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. (١٠) تقدم تخريجه في تفسير سورة الفتح، آية (٢٧).