رسول الله ﷺ وانتهره، فقال: يا محمد؛ بأي شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديًا! فأنزل الله: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾، قال ابن عباس: لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الإِمام أحمد أيضًا (٨): حدثنا إسماعيل بن زيد [١] أبو يزيد، حدثنا فرات، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت رسول الله صلى [٢] عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه. قال: فقال: "لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا [٣] مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ، لرجعوا لا يجدون مالًا ولا أهلًا".
وقال ابن جرير أيضًا (٩): حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، أخبرنا يونس بن أبي [٤] إسحاق، عن الوليد بن العيزار، عن ابن عباس؛ قال: قال أبو جهل: لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه. فأنزل الله ﷿: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، حتى بلغ هذه الآية: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ [٥] نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾. فجاء النبي ﷺ فصلى، فقيل: ما يمنعك؟ قال: قد اسود ما بيني وبينه من الكتائب. قال ابن عباس: والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه.
وقال ابن جرير (١٠): حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر عن أبيه، حدثنا نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا: نعم. قال: فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه في التراب، فأتى رسول الله ﷺ وهو يصلي ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقًا [٦] من نار وهولًا وأجنحة. قال: فقال رسول الله: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًّا عضوًّا". قال: وأنزل الله - لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا - ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى. .. ﴾ إلى آخر السورة.
وقد رواه أحمد بن حنبل، ومسلم، والنسائي، وابن أبي حاتم، من حديث معتمر بن