يقول تعالى مخبرًا عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبًا عن الناس، فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات، حيث لا يراه أحد إلا اللَّه: بأنه له مغفرة وأجر كبير، أي [٢]: يكفر عنه ذنوبه، ويجازى بالثواب الجزيل، كما ثبت في الصحيحين (١٠): " سبعة يظلهم اللَّه في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله". فذكر منهم رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف اللَّه، ورجلا تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
وقال الحافظ أبو بكر البزار (١١) في مسنده: حدثنا طالوت بن عباد، حدثنا الحارث بن عبيد، عن ثابت، عن أنس؛ قال: قالوا: يا رسول اللَّه؛ إنا نكون عندك على حال، باذا فارقناك كنا على غيره؟ قال:"كيف أنتم وربكم؟ " قالوا: اللَّه ربنا في السر والعلانية. قال:"ليس ذلكم النفاق".
لم يروه عن ثابت إلا الحارث بن عبيد فيما نعلمه.
ثم قال تعالى منبهًا على أنه مطلع على الضمائر والسرائر: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَو اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾، أي: بما خطر في القلوب، ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾، أي: ألا يعلم الخالق. وقيل: معناه: ألا [٣] يعلم اللَّه مخلوقه؟ والأول أولى، لقوله، ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ
(١٠) أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد، حديث (٦٦٠) (٢/ ١٤٣). وأطرافه في [١٤٢٣، ٦٤٧٩، ٦٨٠٦]. ومسلم في كتاب: الزكاة، باب: فضل إخفاء الصدقة، حديث (٩١/ ١٠٣١) (٧/ ١٦٩) وما بعدها. (١١) أخرجه البزار (١/ ٦٦ - مختصر) (١٠) قال الهيثمي في "المجمع" (١/ ٣٩): رواه أبو يعلى [٣٣٦٩ - إلا أنه قال ونبيكم] والبزار ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.