أحدها: أنه نعت الأوليين [١] قبل هاتين، والتقديم يدل على الاعتناء. ثم قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ وهذا ظاهر في شرف التقدم [٢] وعلوه [على الثاني][٣].
وقال هناك: (﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾، وهي الأغصان أو [٤] الفنون في الملاذ، وقال هاهنا: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾، أي: سوداوان من شدة [الري].
قال ابن عباس في قوله: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾: قد اسودتا من الخضرة من شدة الري] [٥] من الماء.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن فضيل، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾، قال: خضراوان. وروي عن أبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن أبي أوفى، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، ومجاهد - في إحدى الروايات - وعطاء، وعطية العوفي، والحسن البصري، ويحيى بن رافع، وسفيان الثوري، نحو ذلك.
وقال محمد بن كعب: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾: ممتلئتان من الخضرة. وقال قتادة: خضراوان من الري ناعمتان. ولا شك في نضارة الأغصان على الأشجار المشتبكة بعضها في بعض. وقال هناك: ﴿فِيهِمَا عَينَانِ نَضَّاخَتَانِ﴾، وقال هاهنا: ﴿نَضَّاخَتَانِ﴾، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي فياضتان [٦]. والجري أقوى من النضخ.
وقال الضحاك: ﴿نَضَّاخَتَانِ﴾ أي: ممتلئتان لا ينقطعان.
وقال هناك: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾، وقال هاهنا: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ [٧] وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾، ولا شك أنّ الأولى [٨] أعم وأكثر في الأفراد والتنويع على فاكهة، وهي نكرة في سياق الإِثبات لا تعم. ولهذا فُسّر قوله: ﴿وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ من باب عطف الخاص على العام، كما قرره البخاري وغيره، وإنما أفرد النخل والرمان بالذكر لشرفهما على غيرهما.
[١]- في ز: "الأولتين". [٢]- في خ: التقدم. [٣]- في خ: في الأواني. [٤]- في خ: و. [٥]- في خ: الذي. [٦]- في خ: نضاختان. [٧]- ما بين المعكوفين سقط من خ. [٨]- في ز، خ: "الأول".