وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: لا يسألهم: هل عملتم كذا وكذا؟ لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا؟ فهذا قول ثان.
وقال مجاهد في هذه الآية: لا يسأل الملائكة عن المجرم، يعرفون بسيماهم.
[وهذا قول ثالث. وكأن هذا بعدما يؤمر بهم إلى النار، فذلك الوقت لا يسألون عن ذنوبهم، بل يقادون إليها ويلقون فيها، كما قال تعالى: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾][١]، أي بعلاماتٍ تظهر عليهم.
و [٢] قال الحسن وقتادة: يعرفونهم باسوداد الوجوه وزرقة العيون.
قلت: وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء.
وقوله: ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ أي: تجمع الزبانية ناصيته مع قدميه، ويلقونه في النار كذلك.
و [٣] قال الأعمش، عن ابن عباس: يؤخذ بناصيته: قدمه، فيكسر كما يكسر الحطب في التنور.
وقال الضحاك: يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره.
وقال السدي: يجمع بين ناصية الكافر وقدميه، فتربط ناصيته بقدمه، ويفتل ظهره.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام: أنه سمع أبا سلام -يعني جده- أخبرني عبد الرحمن، حدثني رجل من كندة قال: أتيت عائشة فدخلت عليها، وبيني وبينها حجاب، فقلت: حدثك رسول الله ﷺ أنه يأتي عليه ساعة لا يملك لأحد فيها شفاعة؟ قالت: نعم، لقد سألته عن هذا وأنا وهو في شِعَار واحد، قال:"نعم، حين يوضع الصراط، لا أملك لأحد فيها شفاعة، حتى أعلم أين يسلك بي؟ ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه، حتى أنظر ماذا يفعل بي -أو [٤] قال: يوحي- وعند الجسر حين [٥] يستحد ويستحر" فقالت: وما يستحد وما يستحر؟ قال: "يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة، فأما المؤمن فَيُجيزُه لا يضره، وأما
[١]- ما بين المعكوفين سقط من ز، خ. [٢]- سقط من: ز. [٣]- سقط من: ز. [٤]- في ز: "و". [٥]- في ز: "حتى".