وقوله: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً﴾، قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة. والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن، كقوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾. وقال: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾. ولهذا قال هاهنا: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾، أي: فهل من يتذكر ويتعظ؟
قال الإِمام أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله ﷺ: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾.
[فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن؛ مدَّكر أو مذَّكر؟ قال: أقراني رسول الله ﷺ مدَّكر][٢](٤٠).
وهكذا رواه البخاري: حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله قال: قرأت على النبي ﷺ: (فهل من مُذَّكر [٣]. فقال النبي ﷺ: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٤١).
وروى البخاري أيضًا من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله قال: كان رسول الله ﷺ يقرأ: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٤٢).
وقال: حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير، عن أبي إسحاق: أنه سمع رجلًا يسأل [٤] الأسود:
(٤٠) - أخرجه أحمد (١/ ٣٩٥) (٣٧٥٥). (٤١) - صحيح البخاري، كتاب: التفسير، باب: ﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ … ﴾، حديث (٤٨٧٤) (٨/ ٦١٨). (٤٢) - أخرجه في الموضع السابق برقم (٤٨٧٣). وفي الباب الذي قبله برقم (٤٨٧٢) من طريق شعبة.