قاله عكرمة وغير واحد. قال عكرمة: والأفق الأعلى: الذي يأتي منه الصبح. وقال مجاهد: هو مطلع الشمس. وقال قتادة: هو الذي يأتي منه النهار. وكذا قال ابن زيد، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا مُصَرّف بن عمرو اليامي [١] أبو القاسم، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف، حدثني أبي، عن الوليد -هو ابن قيس- عن إسحاق ابن أبي الكَهْتلَة - أظنه ذكره عن عبد الله بن مسعود - أن رسول الله، ﷺ، لم ير جبريل في صورته إلا مرتين، أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق. وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد، فذلك قوله: ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾ (٨).
وقد قال ابن جرير هاهنا قولًا لم أره لغيره، ولا حكاه هو عن أحد، وحاصله: أنه ذهب إلى أن المعنى: ﴿فَاسْتَوَى﴾، أي: هذا الشديد القوي ذو المرة هو ومحمد صلى الله عليهما وسلم بالأفق الأعلى، أي: استويا جميعًا بالأفق، وذلك ليلة الإِسراء. كذا قال، ولم يوافقه أحد على ذلك. ثم شرع يوجه [٢] ما قال من حيث العربية فقال: وهذا كقوله تعالى: ﴿أَإِذَا [٣] كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا﴾، فعطف بالآباء على المكنى في ﴿كُنَّا﴾ من غير إظهار "نحن"، فكذلك قوله ﴿فَاسْتَوَى وَهُوَ﴾. قال: وذكر الفراء عن بعض العرب أنه أنشده:
ألم تر أن النبع [٤] يصلب عودُه … ولا يستوي والخروع [٥] المتقصّف
وهذا الذي قاله من جهة العربية متجه، ولكن لا يساعده المعنى على ذلك، فإن هذه الرؤية لجبريل لم تكن ليلة الإِسراء، بل قبلها ورسولُ الله ﷺ في الأرض، فهبط عليه جبريل ﵇ وتدلى إليه، فاقترب [٦] منه وهو على الصورة التي خلقه
= ولم يرفعه. ا هـ. قال الزيلعي (٢/ ٣٩٩): قال صاحب التنقيح: وريحان بن يزيد، قال أبو حاتم: شيخ مجهول. ووثقه ابن معين. وقال ابن حبان: كان أعرابيًّا صدوقًا. ا هـ. وصححه الألباني في الإرواء (٣/ ٣٨٢) بشواهده. ومن أراد زيادة فائدة فليراجع الإرواء فقد فصل الشيخ فيه تفصيلًا مفيدًا. (٨) - في إسناده مصرف بن عمرو اليامي: مجهول. ومحمد بن طلحة بن مصرف اليامي: صدوق له أوهام، وأنكروا سماعه من أبيه لصغره كما في التقريب. وإسحاق بن أبي الكهتلة ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٢/ ٢٣٢) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.