يقول تعالى مسليًا نبيه ﷺ: وكما قال لك [٢] هؤلاء المشركون، قال المكذبون الأولون لرسهم: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾!. قال الله تعالى: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾؛ أي: أوَصى بعضهم بعضًا بهذه المقالة؟ ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ أي: لكن هم قوم طغاة، تشابهت قلوبهم، فقال متأخرهم كما قال متقدمهم. قال الله تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أي؛ فأعرض عنهم يا محمَّد، ﴿فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾، يعني: فما نلومك على ذلك، ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، أي: إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ﴾ أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي لا لاحتياجي إليهم.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿إلا لِيَعْبُدُونِ﴾ أي: إلا ليقروا بعبادتي طوعًا أو كرهًا. وهذا اختيار ابن جرير.
وقال ابن جريج: إلا ليعرفون. وقال الربيع بن أنس: ﴿إلا لِيَعْبُدُونِ﴾ أي: إلا للعبادة. وقال السدي: من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾، هذا منهم عبادة، وليس ينفعهم مع الشرك. وقال