الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله ﷺ، حبط عملي، أنا من أهل النار، وجلس في أهله حزينًا ففقده رسول الله ﷺ، فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له: تفقدك رسول الله ﷺ ما لك؟ قال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي ﷺ وأجهر له بالقول، حبلى عملي، أنا من أهل النار. فأتوا النبي ﷺ، فأخبروه بما قال .. فقال:"لا، بل هو من أهل الجنة". قال أنس: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة. فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شماس وقد تحنط ولبس كفنه، فقال: بئسما تُعوّدون أقرانكم. فقاتلهم حتى قُتل.
وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ .. إلى آخر الآية جلس ثابت في بيته، قال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ لسعد بن معاذ:"يا أبا عمرو، ما شأن ثابت؟ أشتكى؟ " فقال سعد: إنه لجاري، وما علمت له بشكوى. قال: فأتاه سعد فذكر له قولَ رسول الله ﷺ، فقال ثابت: أنْزلَت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتًا على رسول الله ﷺ فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي ﷺ؛ فقال رسول الله ﷺ:"بل هو [١] من أهل الجنة"(١٣).
ثم رواه مسلم عن أحمد بن سعيد الدارمي، عن حَيَّان بن هلال، عن سليمان بن المغيرة، به قال: ولم يذكر سعدَ بن معاذ. وعن [قطن بن نُسير][٢] عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، بنحوه. وقال: ليس فيه ذكر سعد بن معاذ (١٤).
حدثنا هُرَيم بن عبد الأعلى الأسدي، حدثنا المعتمر [٣] بن سليمان، سمعت أبي يذكر [عن ثابت][٤] عن أنس قال: لما نزلت هذه الآية … واقتص [٥] الحديث، ولم يذكر سعدَ بن معاذ وزاد: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجلٌ من أهل الجنة (١٥).
(١٣) - أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: ومخافة المؤمن أن يحبط عمله، حديث (١٨٧/ ١١٩) (٢/ ١٧٥ - ١٧٦). (١٤) - أخرجه مسلم في الموضع السابق (١٨٨ م / ١١٩) (٢/ ١٧٦). (١٥) - أخرجه مسلم (١٨٨/ ١١٩) (٢/ ١٧٧).