وقال قتادة: ذكر لنا أن ناسًا كانوا يقولون: لو أنزل في كذا كذا. وكذا لو صنع كذا، فكره الله ذلك وتقدم فيه (٧).
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أي: فيما أمركم به، ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ أي: لأقوالكم، ﴿عَلِيمٌ﴾ بنياتكم.
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾: هذا أدب ثانٍ أدَّب الله به المؤمنين أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي ﷺ وقد روي [أنها نزلت][١] في الشيخين أبي بكر وعمر ﵄.
وقال البخاري (٨): حدثنا بَسْرَة بن صفوان اللخمي، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة؛ قال: كاد الخيّران أن يَهْلكا، أبو بكر وعمر ﵄ رفعا أصواتهما عند النبي ﷺ حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر - قال نافع: لا أحفظ اسمه - فقال أبو بكر لعمر: ما أردتَ إلا خلافي. قال: ما أردتُ خلافك [٢]. فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾، الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يُسمعُ رسولَ الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه [٣]، ولم يذكر ذلك عن أبيه؛ يعني أبا بكر ﵁. انفرد له دون مسلم.
ثم قال البخاري (٩): حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا حجاج، عن ابن جرَيج، حدثني ابن أبي مليكة؛ أن عبد الله بن الزبير أخبره؛ أنه قَدم ركب من بني تميم على النبي ﷺ فقال أبو بكر: أمّر القعقاع بن معبد. وقال عمر: بل أمّر الأقرع بن حابس. فقال أبو بكر: ما أردت إلى -أو: إلا- خلافي. فقال عمر: ما أردتُ خلافَك. فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزلت في ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
(٧) - أخرجه الطبري (٢٦/ ١١٦ - ١١٧). (٨) - أخرجه البخاري في كتاب التفسير، في تفسير سورة الحجرات، باب: ﴿لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ برقم (٤٨٤٥) (٨/ ٥٩٠). (٩) - أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب: ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون﴾ برقم (٤٨٤٧) (٨/ ٥٩٢).