قريش قُتْرَة الجيش قد خالفوا عن طريقهم، ركضوا راجعين الي قريش، فخرج رسول ﷺ حتى إذا سلك ثنية المرار [١]، بركت نافته، فقال الناس: خلأت. فقال رسول الله ﷺ:"ما خلأت، وما ذلك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، والله لا تدعوني [٢] قريش اليوم إلي خطة يسألوني [٣] فيها صلة الرحم، إلا أعطيتهم إياها".
ثم [٤] قال للناس: "انزلوا". قالوا: يا رسول الله؛ ما بالوادي من ماء ينزل عليه الناس. فأخرج رسول الله ﷺ سهمًا من كنانته، فأعطاه رجلًا من أصحابه، فنزل في قَليب من تلك القُلُب، فغرزه [٥] فيه فجاش بالماء حتى ضرب الناس عنه بعَطَن. فلما اطمأن رسول الله ﷺ إذا بُديل بن ورقاء في رجال من خزاعة، فقال لهم كقوله لبشر بن سفيان، فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش؛ إنكم تَعجَلون على محمد، وإن [٦] محمدًا لم يأت لقتال، إنما جاء زائرًا لهذا البيت معظمًا لحقه، فاتهموهم.
قال محمد بن إسحاق: قال الزهري: كانت [٧] خزاعة في عَيبة [٨][][٩] رسول الله ﷺ مشركها ومسلمها، لا يخفون على رسول الله ﷺ شيئًا كان [١٠] بمكة، فقالوا: وإن كان إنما جاء لذلك فوالله لا يدخلها أبدًا علينا عَنوة، ولا يتحدث بذلك العرب. ثم بعثوا إليه مكْرز بن حفص أحد بني عامر بن لؤي، فلما رآه رسول الله ﷺ قال:"هذا رجل غادر". فلما انتهي إلي رسول الله ﷺ كلّمه رسول الله ﷺ بنحو مما كَلَّم به أصحابه، ثم رجع إلي قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله، فبعثوا إليه الحليس [١١]- بن علقمة الكناني، وهو يومئذ سيد الأحابيش، فلما رآه رسول الله ﷺ قال:"هذا من قوم تألهون [١٢]، فابعثوا الهَدْي [في وجهه"] [١٣]، فبعثوا الهدي] [١٤]، فلما رأي الهدي يسيل عليه من عُرْض الوادي في قلائده قد أكل أوتاره [١٥] من طول الحبس عن
[١]- في ز: المدار. [٢]- في ز، خ: تعصوني. كذا. [٣]- في ز: فسألوني. [٤]- سقط من ت. [٥]- في ز: فغرسه. [٦]- في. ز: إن. [٧]- في ز: وكانت. [٨]- في ز، خ: غيبة. [٩]- في ت: في. [١٠]- سقط من خ. [١١]- في ز: الجليس. [١٢]- في ز، خ: يباهلون. [١٣]- سقط من ز. [١٤]- سقط من ز، خ. [١٥]- في ز، خ: أوباره.