يقول تعالى مخبرًا رسوله [١]-صلوات الله وسلامه عليه- بما يعتذر به المخلفون بن الأعراب الذين اختاروا المُقَام في أهليهم وشغلهم، وتركوا المسير مع رسول الله ﷺ فاعتذروا بشغلهم بذلك، وسألوا أن يستغفر لهم الرسول ﷺ، وذلك قول منهم لا على سبيل الاعتقاد، بل على وجه التقية والمصانعة، ولهذا قال تعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا﴾ أي: لا يقدر أحد أن يرد ما أراده فيكم -تعالى وتقدس- وهو العليم بسرائركم وضمائركم، وإن صانعتمونا وتابعتمونا؛ ولهذا قال: ﴿بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ [٢] خَبِيرًا﴾.
ثم قال: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا﴾ أي: لم يكن تخلفكم تخلف معذور ولا عاص، بل تخلف نفاق، ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا﴾ أي: اعتقدتم أنهم يُقتلون وتُستأصل شأفتهم، وتستباد خَضراؤهم، ولا يرجع منهم مخبر، ﴿وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾ أي: