ثم قال لعباده المؤمنين ﴿فَلَا تَهِنُوا﴾ أي: لا [١] تضعفوا عن الأعداء، ﴿وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾ أي: المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عَدَدِكم وعُدَدِكُم؛ ولهذا قال: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ أي: في حال علوكم على عدوكم، فأما إذا كان الكفار فيهم [٢] قوة [٣] وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمام في المعاهدة والمهادنة مصلحة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله ﷺ حين صدّه كفار قريش عن مكة، ودَعوه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين، فأجابهم إلى ذلك.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾: فيه بشارة عظيمة بالنصر [٤] والظفر علي الأعداء، ﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالكُمْ﴾ أي: ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم [٥] إاها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئًا.
يقول تعالى تحقيرًا لأمر الدنيا وتهوينًا لشأنها: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ أي: حاصلها ذلك إلا ما كان منها [٦] لله ﷿ ولهذا قال: ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالكُمْ﴾ أي: هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئًا، وإنما فرض عليكم الصدقات من الأموال مواساةً لإخوانكم الفقراء، ليعود نفع ذلك عليكم، ويرجع ثوابه إليكم.
ثم قال: ﴿إنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا﴾ أي: يحوجكم [٧] تبخلوا: ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾.
[١]- سقط من: ز، خ. [٢]- في ز، خ: "فيه". [٣]- سقط من: ز، خ. [٤]- في ز، خ: "في النصر". [٥]- في ز، خ: ويسليكم. [٦]- في خ: "فيها". [٧]- في ت: "يخرجكم".