يخبر تعالى أنه الخالق لا في السماوات والأرض، وما بين ذلك من الأشياء، وأنه مالك الملك المتصرف فيه، يقلب ليله ونهاره، ﴿يُكَوِّرُ اللَّيلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيلِ﴾ أي: سخرهما يجريان متعاقبين لا يَقرّان، كل منهما يطلب الآخر طلبًا حثيثًا، كقوله: ﴿يُغْشِي اللَّيلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾. هذا معنى ما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وغيرهم.
وقوله: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي: إلى مدة معلومة عند اللَّه ثم تنقضي [][١] يوم القيامة. ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ أي: مع عزته وعظمته وكبريائه هو غفار لمن عصاه ثم تاب وأناب إليه.
وقوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ أي: خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة، وهو آدم ﵇، ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ وهي حواء ﵉، كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾.
وقوله: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ أي: وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج، وهي المذكورة في "سورة الأنعام": ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَينِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَينِ﴾ ﴿وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَينِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَينِ﴾.