ينبه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له، كما أنَّه المستقل بالخلق والرزق فكذلك فَلْيفرد بالعبادة، ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان. ولهذا قال: ﴿لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ أي: فكيف تؤفكون بعد هذا البيان، ووضوح هذا البرهان، وأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان؟.
يقول: وإن يكذبوك - يا محمد - هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك [١] فيما جئتهم به من التوحيد، فلك فيمن [٢] سلف قبلك من الرسل أسوة؛ فإنهم كذلك جاءوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم، ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [أي: وسنجزيهم][٣] على ذلك أوفر الجزاء.
ثم قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾، أي: المعاد كائن لا محالة، ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾، أي: العيشة الدنيئة [٤] بالنسبة إلى ما أعبد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم فلا تَتَلَهوا [٥] عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية،، وهو الشيطان، قاله ابن عبَّاس. أي: لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته، فإنه غرَّار كذاب أفاك. وهذه الآية كالآية التي في آخر لقمان: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾.
[١]- في ز: "ويخالفونك". [٢]- في ز: "ممن". [٣]- ما بين المعكوفتين في ز: "وستجزيهم". [٤]- في ز: "الدنية". [٥]- في ز: "تلتهوا".