يقول تعالى: إنه الذي أحسن خلق الأشياء، وأثبتها [١] وأحكمها.
وقال مالك: عن زيد بن أسلم: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ﴾، قال:"أحسن خلق كل شيء". كأنه جعله من المقدم والمؤخر.
ثم لما ذكر خلق السماوات والأرض [٢]، شرع في ذكر خلق الإنسان فقال: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾، يعني: خَلْق أبي [٣] البشر آدم من طين ﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ أي: يتناسلون كذلك من نطفة تخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة: ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ﴾، يعني: آدم، لما خلق [٤] من تراب خلقه سويًّا مستقيمًا، ﴿وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ﴾، يعني: العقول، ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ أي: بهذه القوى التي رزقكموها الله ﷿ فالسعيد من استعملها في طاعة ربه ﷿.
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين في استبعادهم المعاد حيث قالوا: ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾، أي: تمزقت أجسامنا، وتفرقت في أجزاء الأرض وذهبت، ﴿أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾؟ أي: أئنا لنَعُود بعد تلك الحال؟! يستبعدون [تلك الحال][٥]، وهذا إنما هو بعيد بالنسبة إلى قُدَرهم العاجزة، لا بالنسبة إلى قُدْرة الذي بدأهم وخلقهم من العدم، الذي إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن فيكون، ولهذا قال: ﴿بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ
[١]- في ت: "أتقنها". [٢]- سقط من: خ، ز. [٣]- في ت: "أبا". [٤]- في ت: "خلقه". [٥]- ما بين المعكوفتين في ت: "ذلك".