مولى مصعب بن الزبير - عن أبي سعيد؛ قال: بينما نحن نسير مع رسول الله ﷺ بالعَرْج، إذ عَرَض شاعر يُنشد، فقال النبي ﷺ: "خذوا الشيطان -أو: أمسكوا الشيطان- لأنْ يمتليء جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتليء شعرًا".
وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ - قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: في [١] كل لغو يخوضون.
وقال الضحاك عن ابن عباس: في كل فنٍّ من الكلام. وكذا قال مجاهد وغيره.
وقال الحسن البصري: قد - والله - رأينا أوديتهم التي يهيمون فيها، مرة في شتمة فلان، ومرة في مدحة فلان.
وقال قتادة: الشاعر يمدح قومًا بباطل، ويذم قومًا بباطل.
وقوله: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾ - قال العوفي، عن ابن عباس: كان رجلان على عهد رسول الله، أحدهما من الأنصار والآخر من قيم آخرين، وإنهما تهاجيا، فكان مع كل واحد منهما غُواةٌ من قومه - هم السفهاء - فقال الله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أكثر قولهم يكذبون فيه. وهذا الذي قاله ابن عباس ﵁ هو الواقع في نفس الأمر؛ فإن الشعراء يَتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم؛ ولا عنهم، فيتكثرون بما ليس لهم [٢].
ولهذا اختلف العلماء ﵏ فيما إذا اعترف الشاعر في شعره بما يوجب حَدًّا: هل يقام عليه بهذا الاعتراف أم لا - لأنهم يقولون ما لا يفعلون - على قولين.
وقد ذكر محمد بن إسحاق، ومحمد بن سعد في "الطبقات"، والزبير بن بكار في "كتاب الفكاهة": أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ استعمل النعمان بن عديّ بن نضلة على "مَيْسَان" - من أرض البصرة - وكان يقول الشعر، فقال:
ألَا هلْ أتى الحسناءَ أن حليلَها [٣] … بِمَيْسَانَ، يُسقَى في [٤] زُجاج وحَنْتَم
إذا شئتُ غنَّتْني دهاقينُ قريةٍ … ورقّاصةٌ تحدو على كلِ مَنْسم
فإنْ كنتَ ندماني فبالأكبر اسقني … ولا تَسْقني بالأصْغَر المُتَثلّم
[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- في ز: "حليها".
[٤]- في ز: "من".